الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) لِمُنَافَاتِهَا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ فِيهَا انْحِنَاءً بِكُلِّ الْبَدَنِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ لَنَا وَثْبَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ الِانْحِنَاءُ فَلَا تَضُرُّ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ لَكِنْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً وَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ مُطْلَقًا وَأُلْحِقَ بِهَا نَحْوُهَا كَالضَّرْبَةِ الْمُفْرِطَةِ.(لَا) الْفِعْلِ الْمُلْحَقِ بِالْقَلِيلِ نَحْوُ (الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ) مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ (فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الْأَصَحِّ) وَمِثْلُهَا تَحْرِيكُ نَحْوِ جَفْنِهِ أَوْ شَفَتِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ ذَكَرِهِ أَوْ أُذُنِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ اضْطِرَابٍ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَحَالِّهَا الْمُسْتَقِرَّةِ كَالْأَصَابِعِ فِيمَا ذَكَرَ وَلِذَلِكَ بَحَثَ أَنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ إنْ كَانَتْ مَعَ تَحْوِيلِهِ عَنْ مَحَلِّهِ أَبْطَلَ ثَلَاثٌ مِنْهَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَمَّا إذَا حَرَّكَهَا مَعَ الْكَفِّ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ إلَّا لِنَحْوِ حِكَّةٍ لَا يَصْبِرُ مَعَهَا عَلَى عَدَمِهِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِحَرَكَةٍ اضْطِرَارِيَّةٍ يَنْشَأُ عَنْهَا عَمَلٌ كَثِيرٌ سُومِحَ فِيهِ وَمَرَّ فِيمَنْ اُبْتُلِيَ بِسُعَالٍ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَذَهَابِ الْيَدِ وَعَوْدِهَا أَيْ عَلَى التَّوَالِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَا رَفْعُهَا ثُمَّ وَضْعُهَا لَكِنْ عَلَى مَحَلِّ الْحَكِّ وَمِنْ الْقَلِيلِ قَتْلُهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا وَيَحْرُمُ رَمْيُهَا فِي الْمَسْجِدِ مَيِّتَةً وَقَتْلُهَا فِي أَرْضِهِ وَإِنْ قَلَّ دَمُهَا لِأَنَّ فِيهِ قَصْدَهُ بِالْمُسْتَقْذَرِ وَأَمَّا إلْقَاؤُهَا أَوْ دَفْنُهَا فِيهِ حَيَّةً فَظَاهِرُ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ حِلُّهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتْفُلُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَدْفِنُونَ الْقَمْلَ فِي حَصَاهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْقَمْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ» وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ مَدْرَكًا لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ وَإِيذَاءَهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بَلْ وَلَا غَالِبٍ وَلَا يُقَالُ رَمْيُهَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهَا لِأَنَّهَا تَعِيشُ بِالتُّرَابِ مَعَ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً كَدَفْنِهَا وَهِيَ الْأَمْنُ مِنْ تَوَقُّعِ إيذَائِهَا لَوْ تُرِكَتْ بِلَا رَمْيٍ أَوْ بِلَا دَفْنٍ.الشَّرْحُ:(قَوْلُهُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا.(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ شَامِلَةٌ لِمَا مَعَهَا ارْتِفَاعٌ عَنْ الْأَرْضِ فِي الْهَوَاءِ نَحْوُ خَمْسَةٍ أَوْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْبُطْلَانِ عَلَى الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَفَعَهُ عَنْ الْأَرْضِ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الضَّرَرِ وَإِنْ زَادَ الِارْتِفَاعُ.(قَوْلُهُ نَحْوُ الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ أَيْ تَرْكُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفِعْلَاتِ الْخَفِيفَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَتِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ. وَلَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ مِنْ الطَّيْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَهُ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ م ر.(قَوْلُهُ إلَّا لِنَحْوِ حِكَّةٍ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَفْرُوضُ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالتَّوَالِي بِالْبُطْلَانِ فِي سُعَالِ الْمَغْلُوبِ إذَا كَثُرَ وَتَوَالَى كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفِعْلُ أَوْسَعُ مِنْ اللَّفْظِ أَوْ يُقَالَ إنَّمَا نَظِيرُ مَا هُنَا الْمُبْتَلَى بِالسُّعَالِ الْمَارِّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ حَالٌ يَخْلُو مِنْهَا عَنْ ذَلِكَ تَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ انْتِظَارِهَا.(قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّ الْمُسَامَحَةِ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْوَقْتَ وَإِلَّا انْتَظَرَ زَمَنَ الْخُلُوِّ عَنْهَا وَأَنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَ فِي نَحْوِ الْحِكَّةِ مَا إذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِبَعْضِ الْوَقْتِ وَإِلَّا انْتَظَرَ الْخُلُوَّ.(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِيهِ إلَخْ) إلْقَاؤُهَا فِيهِ مَظِنَّةَ مَوْتِهَا م ر.(قَوْلُهُ بَلْ وَلَا غَالِبٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ إيذَاؤُهَا حَرُمَ إلْقَاؤُهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِمَا صَمَّمَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ قَصَدَ إيذَاءَ الْغَيْرِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ تَعَمُّدُ الْفِعْلِ الْمُؤْذِي مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُؤْذٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيذَاءَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَحْوِ الشَّارِعِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا حُرْمَةَ التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَفِي الْعُبَابِ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَيُبَاحُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهَا إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ، وَكَذَا الْوُضُوءُ. اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَقَوْلُهُ، وَكَذَا الْوُضُوءُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَمَّا مَعَ التَّأَذِّي بِهِ فَيَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. اهـ. وَلَمْ يُقَيِّدْ أَحَدٌ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا بِقَصْدِ الْإِيذَاءِ.قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ حَرَكَةَ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ فَتَبْطُلُ بِهَا سم عَلَى حَجّ وَلَيْسَ مِنْ حَرَكَةِ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَا لَوْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَكَذَا تَحْرِيكُ كُلِّ الْبَدَنِ أَوْ مُعْظَمِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نَقْلِ قَدَمَيْهِ. اهـ.وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْرِيكُ الْكُلِّ أَوْ الْمُعْظَمِ.(قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّقْيِيدِ بِالْفَاحِشَةِ أَوْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ.(قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ شَامِلَةٌ لِمَا مَعَهَا ارْتِفَاعٌ عَنْ الْأَرْضِ فِي الْهَوَاءِ نَحْوُ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْبُطْلَانِ عَلَى الِانْحِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَفَعَهُ عَنْ الْأَرْضِ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ ضَرَرِ ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ الِارْتِفَاعُ سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَثْبَةِ مَا لَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ حَمْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ الشُّرُوطُ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِحَبْلٍ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ.
|